نجم شمال إفريقيا 1926-1937

نجم شمال إفريقيا 1926-1937

 

نجم شمال إفريقيا

1926- 1937

Etoile Nord-Africaine



1- تأسيس نجم شمال إفريقيا

يجمع المؤرخون على أن جمعية نجم شمال إفريقيا قد تأسست في أوساط الهجرة الجزائرية بفرنسا، وهـذا بعد الرسكلة المتعددة الإطراف في فترة ما بين (1924-1926)، ويحدد شارل أندري جوليان تاريخ ميلاده في مارس 1926م.

  يشير بانون آكلي في مذكراته أنه في سنة 1924م زار الأمير خالد باريس، وألقى فيها محاضرتين، الأولى كانت بقاعة المهندسين "نهج بلانش الناحية التاسعة"، والثانية بمركز النقابة "شارع بلا نكي الناحية الثالثة عشر"، وبعد ما افتتح خطابه بالعربية بالشكر للحاضرين وللحزب الشيوعي الفرنسي الذي أعانه على هذا الاجتماع، اعتذر بعدها وتكلم بالفرنسية.

لقد بعثت فكرة الأمير خالد بالإعلان عن جمعية غير مصرح بها في مارس 1926م بعنوان "نجم شمال إفريقيا"، عقدت أول اجتماع لها في 15 ماي 1926م في مقر الكونفديرالية العامة للعمال، ثم انعقد ثاني اجتماع لها في 20 جوان 1926م[، وأسندت رئاسة الحزب إلى حاج علي عبد القادر، الذي كان شخصية في الحركة العمالية، والذي تجنس بالجنسية الفرنسية منذ 1911م، وقد بدأ حياته السياسية بالانتساب إلى الحزب الاشتراكي الفرنسي، كما ناضل في صفوف الفرع الفرنسي للأممية العمالية[18]، انخرط في صفوف الحزب الشيوعي الفرنسي بعد مؤتمر تور، وكان ينتمي منذ 1920م إلى إتحاد المستعمرات مع هوشي منه، وقد ساهم في تحرير جريدة الباريا (Baria)، وانضم إلى الكونفدرالية العامة للعمال المتحدين، وفي هذه الأثناء جرف معه مصالي الحاج بعدما أصبح مسؤول خلية  في سنة 1922م، ويؤكد ذلك التأثير زواج مصالي الحاج من شيوعية تدعى إيميلي بيكان (Imili Bicane)[20].

 كان أغلب أعضاء نجم شمال إفريقيا من الجزائر، وتم تعيين الأمير خالد رئيسا شرفيا له. ولكن شيئا فشيئا فقد النجم أعضائه التونسيين والمغاربة وأصبح منظمة جزائرية خالصة، وكان هدفه الصريح هو الدفاع عن المصالح المعنوية والمادية لأهل إفريقيا الشمالية وتثقيف أعضائه وكانت أغلبيته الساحقة من العمال بالإضافة إلى الجنود السابقين وطلبة إفريقيا الشمالية الذين كانوا يعيشون في فرنسا.

 وإلى غاية 1930 كان اتصال النجم بالأهالي الجزائريين داخل الجزائر محدودا جدا ، وكان يلقى الدعم والتأييد من اليساريين الفرنسيين والأوروبيين والمنظمات المعادية للاستعمار. أما مطمح هدف النجم الحقيقي هو تحقيق استقلال إفريقيا الشمالية كلها، ومن أعضائه البارزين ونقصد الجزائريين بالطبع: محمد جفال ومحمد بن الأكحل وعمار إيماش  ومصالي الحاج؛ هذا الأخير الذي أصبح تدريجيا أحسن متحدث رسمي معروف باسم الحزب ولا سيما منذ فاتح الثلاثينيات من القرن العشرين، وكان ضمن الشباب الجزائري الذي شارك إلى جانب فرنسا في الحرب العالمية الأولى، وبقي في فرنسا بعد نهاية الحرب واشتغل في مصانعها.

2- وسائل  نضال النجم:

تمثلت وسائل نضال نجم شمال إفريقيا في المنشورات والصحافة والمؤتمرات وكان أسلوبه ثوري ومباشر، وما أن حلت سنة 1928 حتى بلغ عدد أعضاء هذا الحزب حوالي 3500 عامل. وكانت الوسيلة الوحيدة للنجم لإيصال أفكاره ومطالبه إلى الأهالي الجزائريين هي الاعتماد المطلق على الصحافة سواءً في الجزائر أو في فرنسا. وهناك صحيفتان خدمتا النجم بشكل جيد، أولهما جريدة "الإقدام" التي كان قد أنشأها الأمير خالد في الجزائر سنة 1919، وعندما نفي سنة 1923 توقفت الإقدام عن الصدور فأعاد النجم إصدارها مجددا تحت اسم "الإقدام الباريسي" وكانت هذه الصحيفة شهرية وباللغتين العربية والفرنسية، وفي أول فيفري سنة 1927 منعت السلطات الفرنسية توزيع هذه الجريدة لأن الكولون اشتكوا من أنّها كانت تشكل خطرا على استقرار منطقة شمال إفريقيا، ولكن النجم أعاد إصدارها مجددا تحت اسم "إقدام الشمال الإفريقي".

 وبعد أن حلت السلطات الفرنسية النجم سنة 1929 أصدر زعماؤه سنة 1930، جريدة بعنوان "الأمة" وهي جريدة وطنية وسياسية للدفاع عن حقوق مسلمي إفريقيا الشمالية، وكان مديرها السياسي هو مصالي الحاج، الذي كان آنذاك المتحدث باسم النجم، أما مديرها ومحررها فقد كان عمار إيماش عضو الهيئة الإدارية للنجم.

  وفي سنة 1933 دعا النجم كل أهالي إفريقيا الشمالية أن يقرءوا جريدة الأمة وخاطبوهم  بالقول:»  تدافع عنكم، وتعلمكم، وتثقفكم. إنها ستكشف جميع الخونة، وكل المتعاونين، وكذا أعداء وطننا وقضيتنا، إنها ستقودكم إلى الاتجاه الصحيح دون خوف ودون هزيمة....فساعدوها وأحموها وحثوا غيركم على قراءتها، انشروها في كل مكان لكي تصبح الراية والمركز الذي تجتمع من حوله جميع القوى الحية في إفريقيا الشمالية المسلمة.



3- مطالب نجم شمال إفريقيا: 

إن مطالب النجم كانت واضحة منذ البداية، لكنه عاد وأكد عليها، بخاصة بعد حركة العداء ضد الوطنية التي قادها الكولون في الجزائر والشيوعيون أصحاب الاتجاه اليساري في فرنسا لمواقف النجم، فاستغل النجم فرصة انعقاد المؤتمر المعادي الاستعمار في بروكسل بين 10 و15 فيفري 1927، وشارك فيه كما شاركت فيه وفود من آسيا وإفريقيا وأوروبا، وأمريكا. وكان مصالي الحاج ممثلا للنجم وقدم مطالب الجزائريين أمام التجمع العالمي. والواقع أن أغلب مطالب النجم كانت معروفة لدى الأهالي الجزائريين، وهي نفس المطالب التي قدمتها الوفود الأهلية للحكومة الفرنسية في الفترة الممتدة ما بين 1900- 1914، وحركة الأمير خالد خلال العشرينيات، ولكن الفارق الوحيد أن مطالب النجم كانت تتسم بالجدية أكثر من سابقاتها، وزادت عليها بمطلب الاستقلال التام عن فرنسا. ويمكن تلخيص كل البرامج فيما يلي:

1- الاستقلال الكامل للجزائر.

2- جلاء الجيش الفرنسي.

3- إنشاء جيش وطني.

4- مصادرة الأملاك الزراعية الكبيرة للكولون والشركات الإقطاعية.

5- احترام الممتلكات المتوسطة والصغيرة للجزائريين.

6- إرجاع الأراضي والغابات التي أخذتها الدولة الفرنسية إلى الجزائر.

7- الإلغاء الفوري لقانون الأهالي وجميع القوانين الاستثنائية الأخرى.

8- العفو العام عن الجزائريين الذين كانوا قد سجنوا، أو نفوا، أو كانوا يعيشون تحت الرقابة الفرنسية.

9- حرية الصحافة، والاجتماع والتجمع ومنح الحقوق السياسية والنقابية كتلك التي منحت للفرنسيين في الجزائر.

10- إحلال مجلس وطني جزائري منتخب بطريقة التصويت العام محل المجلس المالي.

11- إنشاء مجالس بلدية منتخبة بطريقة التصويت العام.

12- حق الجزائريين في التمتع بجميع مستويات التعليم.

13- خلق المدارس باللغة العربية.

14- تطبيق جميع القوانين الاجتماعية الفرنسية على الجزائر.

15- زيادة القروض الفلاحية إلى الفلاحين الجزائريين الصغار.

 ومما لاشك فيه، أن استقلال الجزائر وجلاء القوات الفرنسية عنها وتكوين جيش ومجلس وطني ، والانتخابات عن طريق التصويت العام كانت أكثر الأمثلة وضوحا على تغير مسار الحركة الوطنية في الجزائر، فسياسة الاندماج كانت قد طويت صفحتها على الأقل بالنسبة لنجم شمال إفريقيا. في سنة 1929م بدأت حكومة  طارديو الضغط على مناضلي النجم، وقررت في 20 نوفمبر محكمة السين حله، واستدعى قاضي التحقيق المناضلين المسئولين لإبلاغهم خبر الحل والواقع أنه لم تكن هناك أية اتهامات محددة ضد هذه المنظمة. لكن محامي الجمعية "بيرطون" نصح القادة بأن لا يستجيبوا  للدعوة، وهكذا أصبح قرار الحل غير قانوني لأنه لم يطبق في الوقت القانوني.

 اتفق الكتاب الفرنسيون على سبب حل النجم أنّه كان ينشط مع تيارات تهدف إلى زعزعة السيادة الفرنسية، في حين يعزو الجزائريون سبب الحل إلى الضغط الذي قامت به فيدرالية رؤساء البلديات في الجزائر ونواب الكولون في فرنسا.

 لكن زعماء النجم واصلوا نشاطهم بدليل أنّ جريدة الأمة صدرت سنة 1930، وفي سنة 1932 أعادوا تكوين الحزب تحت اسم جديد هو" نجم إفريقيا الشمالية المجيد"، وبعد سنة واحدة (1933) نشروا دستورهم الرسمي، وكان رد فعل الحكومة الفرنسية أن قامت باعتقالهم وسجنوا مع دفع غرامة مالية سنة 1934، ورغم ذلك عادوا سنة 1937، وأسسوا حزب الشعب الجزائري الذي عبّر صراحة بأنّ النجم كان يمثل الجزائريين بالدرجة الأولى.

 

4- برنامج النجم لسنة 1933:

وقد ضم قسمين، الأول:

1- محو قانون الأهالي البغيض في الحال وإلغاء جميع القوانين الاستثنائية.

2- العفو العام عن كل أولئك الذين كانوا قد سجنوا أو وضعوا تحت الرقابة الخاصة، أو نفوا لارتكابهم شيئا ضد قانون الأهالي أو قاموا بجرائم سياسية.

3- الحرية المطلقة في السفر إلى فرنسا وإلى غيرها من البلاد الأجنبية.

4- حرية الصحافة والاجتماع والتجمع وتوفير الحقوق السياسية والنقابية.

5- إحلال مجلس وطني جزائري منتخب عن طريق التصويت العام محل المجلس المالي الذي لا ينتخب إلا عن طريق التصويت المحدود.

6- إلغاء البلديات المختلطة والمناطق العسكرية وإحلال محلها مجالس بلدية منتخبة عن طريق التصويت العام.

7- حق الجزائريين في تقلد جميع الوظائف العامة دون أي تمييز، مع المساواة في العمل وفي المعاملة للجميع.

8- التعليم الإجباري للغة العربية وحق الجزائريين في التعليم على جميع المستويات، وخلق مدارس عربية جديدة، وكل الأعمال الرسمية يجب أن تنشر بالعربية والفرنسية في نفس الوقت.

9- بخصوص الخدمة العسكرية (من الجزائريين في الجيش الفرنسي) يجب احترام الآية الكريمة       ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا...)

10- تطبيق القوانين الاجتماعية والعمل على الجزائريين أيضا، وحق العائلات الجزائرية في الجزائر في الحصول على المساعدة من جراء البطالة، وفي المنح العائلية ، إلغاء تام للتأمينات الاجتماعية.

11- زيادة القروض الفلاحية إلى الفلاحين الصغار، وتنظيم أكثر عقلانية لنظام الري وتطوير وسائل المواصلات، والمساعدة الحكومية ، غير المعوضة إلى ضحايا المجاعات الدورية.

أما القسم الثاني فقد ضم المطالب الآتية:

1- استقلال الجزائر الكامل.

2- جلاء تام لجيش الاحتلال.

3- تكوين جيش وطني.

حكومة وطنية ثورية:

1- مجلس تأسيسي منتخب عن طريق التصويت العام.

2- التصويت العام في كافة الدرجات وصلاحية الترشح إلى كل المجالس بالنسبة لجميع السكان الجزائر.

3- ستكون اللغة الجزائرية هي اللغة الرسمية.

4- تسليم جميع الممتلكات إلى الدولة الجزائرية بما في ذلك البنوك والمناجم والطرق الحديدية والموانئ والمؤسسات التي اغتصبها المحتلون.

5- تأميم الأملاك الكبيرة التي اغتصبها الإقطاعيون، حلفاء المحتلين والكولون والشركات الرأسمالية، وتسليم الأراضي المؤممة إلى الفلاحين واحترام الأملاك المتوسطة والصغيرة وإعادة الأراضي والغابات التي أخذتها الدولة الفرنسية إلى الدولة الجزائرية.

6- حرية التعليم وإجباريته على جميع المستويات.

7- تعترف الدولة الجزائرية بحق تشكيل الاتحادات والتحالفات وحق الإضراب وهي تتعهد بمناقشة القوانين الاجتماعية.

8- المساعدة العاجلة للفلاحين بتخصيص قروض للفلاحة دون فائدة من أجل شراء الآلات والبذار والسماد ، وتنظيم الري وتحسين وسائل المواصلات، إلخ...



تعليقات