نابليون الثالث Napoleon III 1808 - 1873

نابليون الثالث Napoleon III 1808 - 1873

 

نابليون الثالث 1808 - 1873

NAPOLEON III

1- مولده:

هو شارل لويس نابليون بونابرت charles louis napoleom bonapart  ولد بباريس في 20 افريل 1808 ، ابن ملك هولندا وابن أخ نابليون الأول  ووالدته هورتلنس بوهارنييه ،أرشد آل نابليون ،كان شديد الطموح قوي الإرادة ،عاش فترة من الزمن في سويسرا ايطاليا وانجلترا وأمريكا ولذلك اكتسب خبرة واسعة بالشؤون الأوروبية والعلاقات الدولية. خالط الثوريين في ايطاليا وعاش أوساط المجتمع الراقي في لندن ،كان دائما يقدر لنفسه قيمتها ويؤمن بأن القدر قد ادخله لمصير رفيع.



وفي سنة 1836 دخل فرنسا فجأة آتيا من ستراسبورج ونشر العلم الإمبراطوري وعليه تم نفيه إلى البرازيل ومنها إلى الولايات المتحدة الأمريكية . وعند إحضار رفات عمه إلى مثواه الفخم في باريس هبط ارض فرنسا عند بولونيا وسط مظاهر واستعدادات دامية ولكن محاولته باءت بالفشل فأودع هذه المرة حصن هام ham على حدود فرنسا الشمالية حيث قضى فترة من الزمن في حبس هين لغاية اذ كان يشاهد الأصدقاء ويكثر في الكتابة ووفق في النهاية على الهرب دون عناء، فأقام في لندن حتى وقعت ثورة فيفري فعاد إلى وطنه وأفاد من التيار النابليوني ونجح كنائب في المجلس النيابي ولكن شعبيته داخل المجلس كانت أقل بكثير من شعبيته بين الشعب الفرنسي الذي أصبح يتطلع أكثر إلى من يعيد لفرنسا أمجادها العالية.

2- ظروف وصوله للحكم

لقد تميزت فترة (1830/ 1848) بالسلام الطويلة التي أصابت الشعب بنوع من الملل فقد افتقد الفرنسيون في عهد لويس فليب الحرية والمساواة والانتصارات الباهرة على ملوك وأمراء أوروبا  وهم يرون الشعب الانجليزي وهو يقوم بفتوحات كبيرة في آسيا بينما فرنسا محرومة وقد عرفت العلاقات بين شطر كبير من الشعب من ملكيين وجمهوريين واشتراكيين الفساد وأحس الشعب الفرنسي أن لويس فليب لم يعد الملك الذي يتجاوب مع تطلعاته وآماله وهنا قامت الثورة في باريس  عن يقظة الديمقراطية التي أخذت تزداد نموا في النفوس ولقد تبع مجرى الثورة نزاعات العصر الفكرية وكانت باريس و فرنسا عامرة بالنشاط السياسي و الاجتماعي قبل عام 1848 و قد تميز هذا العهد بظهور الحركة الاشتراكية التي كان من زعمائها"سان سيمون" الذي كان ينادي بإصلاح حياة الطبقات العامة دون استخدام العنف لكن عوامل التذمر في فرنسا قد بلغت مرحلة الاحتقان.

 وكانت الأزمة المالية ل 1847 بمثابة ضربة قاضية للمعارضة فاندلعت الثورة في باريس في 22 فبراير 1848 وانتهز زعماء الحزب الجمهوري فحولوا تلك الثورة التي كانت تنادي بالإصلاح إلى ثورة ضد الملكية وأصبح شعارها تحيى الجمهورية  ، ولمجابهة العناصر الثائرة قدم  لويس فليب بعض التنازل وأقال وزارة "جيزو guisot" لكن هذا الإجراء لم يكن كافيا لإخماد ثورة 1848 ،فاضطر لويس فليب للتنازل عن العرش لحفيده وغادر باريس إلى منفاه في إنجلترا.

وتكونت في فرنسا الحكومة المؤقتة كان أبرز رجالاتها لامرتين ،ولودرو رولان والداعية الاشتراكي لويس بلان  و قد قامت الخلافات بينهم منذ البداية إلا أنها نجحت في إجراء بعض التعديلات الدستورية لصالح الشعب و إعلان حق الانتخاب العام و تكليف الناخبين الجدد الذين يزيدون على تسعة ملايين  بانتخاب جمعية تأسيسية تضع قواعد الدستور ،وقررت وضع السلطة التشريعية في يد مجلس واحد مكون من سبعمائة وخمسين عضوا ،وانتخاب رئيس الجمهورية بواسطة الاقتراع العام ومدة ولايته لا تتجاوز أربع سنوات بدون إعادة انتخابه.

 وكان الترشح لمنصب رئيس الجمهورية محصورا بين أربعة هم:لامرتين ،كافينياك ،ليدرو رولان ،لويس نابليون وقد تم انتخاب لويس بونابرت رئيسا للجمهورية في استفتاء شعبي في 10 ديسمبر 1848 وفاز بخمسة ملايين ونصف مليون صوت  وحلف اليمين التالي "أنني سوف أعتبر عدوا للوطن كل من يحاول بوسائل غير مشروعة تغيير ما أقامته فرنسا. ولعل اسمه وشهرته وتقدير الفرنسيين له هو السبب في انتخابه رئيسا للجمهورية وفوزه على منافسيه  فقد كان اسم بونابرت يعد في كل كوخ وبيت في أرجاء فرنسا رمزا للنظام والقوة والمجد  كما أن الشعب الفرنسي كان في حاجة إلى حكومة قوية ذات مكانة عالية ،حكومة لها القدرة على الدفع بعجلة فرنسا للحاق بإنجلترا في مجالات الاستعمار والتقدم والتفوق العسكري ،أما لويس نابليون فكانت له خطته السياسية الخاصة لنظام حكمه.

3-  اهتماماته السياسية:

 منذ انتخاب لويس نابليون كرئيس لجمهورية فرنسا ،وحتى انقلاب 2 ديسمبر 1851،كانت أوروبا الملكية كلها تنتظر بكثير من الود لسياسة نابليون الداخلية والخارجية، فقد واجه رئيس الجمهورية في البداية العديد من المتاعب مع الجمعية التأسيسية التي كانت تخالفه في السياسة الخارجية لاسيما فيما يتعلق بإيطاليا إذ كانت آماله معلقة بإعادة العهد الإمبراطوري . كما تحالف مع المجلس النيابي ضد الحركة الاشتراكية والقوى الثورية المعارضة له وتحالف مع الكنيسة الكاثوليكية ضد هذا الاتجاه الخطر عليه . 

فما أوشكت مدة رئاسته على الانتهاء اقترح على المجلس في عام 1851 بمد فترة حكمه إلى أربع سنوات أخرى ، فأيده المجلس ب 446صوتا ضد 270. و في 2 ديسمبر 1851 أعلن حل الجمعية وطرح دستور جديد على الشعب ينص على :بقاء الرئيس في منصبه لمدة عشرة سنوات ويحق له تعيين الوزراء ،كما نص على تشكيل مجلس للدولة يختاره الرئيس ومهمته إعداد القوانين ،كذلك تشكيل مجلس للشيوخ .وقد أيده الشعب في مهمته الجديدة تأييدا ساحقا ،وبذلك أصبح لويس بونابرت رئيسا للجمهورية في 21 ديسمبر 1851 ولم يبقى إلا اللقب ليصبح إمبراطورا وقد نجح في الوصول إلى هدفه في أقل من عام كما ،أن لقب الإمبراطور لاقى قبول الأغلبية وحكم فرنسا باسم الإمبراطور نابليون الثالث على إعتبار أن ابن نابليون بونابرت الذي مات كان المفروض فيه أن يكون نابليون الثاني  .

هذه التسمية الجديدة أثارت ملوك أوروبا ،لأنها كانت تتضمن ثلاثة مسائل :

*  اتخاذ نابليون للقب الإمبراطور كان خروجا عن التقاليد المألوفة،باعتبار أنه ليس من العائلة المالكة الفرنسية وليس له أي حق بهذه التسمية .

* هذه التسمية كانت خروجا عن مقررات مؤتمر فيينا التي خلعت أسرة نابليون من حكم فرنسا ،وهي إقرار بأن نابليون الثاني كان وصيا شرعيا على فرنسا.

* هذا اللقب كان معناه أن نابليون الثالث يطلب إلى الأباطرة والملوك الاخرين الاعتراف به كند لهم .

إلا أن بروسيا والنمسا ستعترف بنابليون الثالث بكثير من الاجلال والتفخيم ،أما روسيا ستعترف به لضرورة دبلوماسية

وقد سلك نابليون الثالث سياسة خارجية يتصف أسلوبها بالنشاط والجرأة ،على خلاف سالفه التي لم ترض جميع الأحزاب في فرنسا 

فقد أشرك نابليون الثالث فرنسا في حرب القرم ،كذلك التدخل في الشؤون الايطالية لتحقيق وحدتها الأمر الذي عرضه لعداولة النمسا .

مما زاد في ضعف موقف نابليون الثالث الداخلي هو إقدامه على عقد معاهدة تجارية مع  بريطانيا أفقده تأييد رجال المال له.  وأبرز دليل على عدم ثبات نابليون الثالث في سياسته هو إعدامه لإمبراطور المكسيك .

وأخيرا كانت نهاية إمبراطوريته في الحرب الفرنسية البروسية في واقعة سيدان عام 1870تاريخ قيام الجمهورية الفرنسية الثالثة .

توفي في 09 جانفي 1873 وبذلك تنتهي حياة أحد الشخصيات التاريخية التي عرفت بمغامرتها وتقلبات أفكارها السياسية والعسكرية .


المصادر المراجع:

1- عبد العزيز سليمان نوار: تاريخ الحديث اوربا مند الثورة الفرنسية حتى الحرب الفرنسية البروسية (1789 1871) ،ط1،دار الفكر العربي ،القاهرة،2000.

2- نادية طرشون :سياسة نابليون الثالث ،مجلة دراسات وأبحاث ،المجلة العربية في العلوم الانسانية والاجتماعية، جامعة الدكتور يحي فارس ،ع26 ،المدية، مارس 2017.

3- عبد الحميد البطريق: التيارات السياسية المعاصرة (1815 1960) ،ط1 ،دار النهضة العربية ،بيروت ،1974.




تعليقات