قصة ما كانت الحسناء ترفع سترها لو أن في هذه الجموع رجالا
1- من هو خليل مطران:
تعود هذه الأبيات إلى الشاعر خليل مطران، وهو شاعر لبناني مهجري هو خليل بن عبده بن يوسف ،مطران ، من مواليد تموز 1871 م في بعلبك بلبنان ، وتلقى تعليمه في المدرسة البطريركية في بيروت. تلقى توجيهاته في البيان العربي من أساتذته وإخوانه خليل وإبراهيم اليازجي ، كما درس شعر فيكتور هوغو وغيره من الكتاب والمفكرين الأوروبيين ، وانتقل مطران إلى باريس وهناك كرس نفسه لدراسة الأدب الغربي.
2- أصل القصة:
يروي مطران في هذه القصيدة حكاية مشهورة تعود للفترة الساسانية جاءت في الشاهنامة لأبي القاسم الفردوسي
كما يقال أن كسرى أنو شروان غضب ذات يوم على وزيره بوزرجمهر والذي كان وزيرا عادلا يحظى بحب الرعية لكن الدسائس جعلت كسرى ي حكم عليه بالإعدام ، وفي يوم الإعدام شهدت الأمة كلها مقتل أحد كبار وزراء كسرى.
فجاء كسرى يلوح للشعب ، وجلس على كرسيه ، وحاصره حاشيته والوزراء ، ثم أحضر الوزير وطرده جلاده قائلاً: هل يوجد شفيع للوزير؟ الجميع يقول: لا ، لا.
فالتفت كسرى إليهم جميعًا ، حيث رأى فتاة من بين المتفرجين كاشفة على نفسها وهي شيء يعتبره الفرس مخزي ، فأرسل شخصًا
يسألها عن سبب قدومها بهذه الطريقة .
فأجابته بهذه الطريقة كما يوردها مطران
مَـوْلاَي يَـعْجَـبُ كَيْـفَ لَـمْ تَتَـقَـنَّـعِي
قَالَــتْ لَـهُ: أَتَـعَجُّــباً وَسُــؤَالاَ!
أُنْـظُرْ وَقَـدْ قُـتِـلْ الحَكِيمُ فَـهَلُ تَـرَى
إِلاَّ رُسُــوماً حَـوْلَـهُ وَظِـلاَلاَ
فَـارْجِــعْ إِلَى المَـلِـكِ الْعَــظِيمِ وَقُـلْ لَـه
مَــاتَ النَّــصِيحُ وَعِشْــتَ أَنْــعَمَ بَــالاَ
وَبِــقيِتَ وَحْـــدَكَ بَعْــدَهُ رَجُــلاً، فَـسُدْ
وَارْع النِّــسَاءَ وَدَبِّـــرِ الأَطْــفَالاَ
مَا كَانِتِ الْحَــسْنَاءُ تَرْفَـــعُ سِتْـــرَهَا
لَــوْ أَنَّ فِي هَــذِي الجُــمُـوعِ رجَــالاَ
هذه الفتاة هي ابنة الوزير بزرجمهر
3- القصيدة كاملة هي :
سجدوا لكسرى إذ بدا إجـــــــــلالا كسجودهم للشمـــــــس إذ تتلالا
يا أمة الفرس العريقة في العـــلا ماذا أحال بك الأسود سخـــــــالا
كنتم كبارا في الحروب أعــــــــزة واليوم بتم صاغرين ضئــــــــالا
عباد كسرى مانحيه نفوســــــــكم ورقابكم والعرض والأمــــــوالا
تستقبلون نعاله بوجوهكــــــــــــم وتعفرون أذلـــــة أوكـــــــــــــالا
التبر كسرى وحـــــده في فارس و يعد أمـــــــــــــة فارس أرذالا
يا يوم قتل بزرجمهر وقد أتـــــوا فيه يلبون النداء عجــــــــــــــالا
متألبين ليشهدوا موت الــــــــذي أحيا البلاد عدالــــــــــــة ونــوالا
يبدون بشرا والنفوس كظيمـــــة يجفلن بين ضلوعهم إجفــــــــالا
شر العيال عليهم و أعقهــــــــــم لهم و يزعمهم عليه عيــــــــــالا
إن يؤتهم فضلاً يمن و إن يــــرم ثأراً يبدهم بالعــــدو قتــــــــــــالا
وإذا قضى يوما قضـــــاء عــادلا ضرب الأنـــــام بعدله الأمثــــــالا
تجلو أسرتهم بروق مســـــــــرة و قلوبهم تدمى بهن نصـــــــــالا
وإذا سمعت صياحهم ودويهـــــم لم تدره فرحا ولا إعـــــــــــــوالا
ويلوح كسرى مشرفا من قصره شمســـــاً تضيء مهابــة وجلالا
شبحا لأرموز العظيم ممثـــــــلاً ملكا يضم رداؤه رئبــــــــــــــــالا
يزهو به العرش الرفيع كأنــــه بسنى الجواهر مشعــل إشعـــالا
وكأن شرفته مقام عبــــــــــــادة نصب التكبــر في ذراه مثــــــــالا
وكأن لؤلؤة بقائم سيفــــــــــــه عين تعـــــــــد عليهم الآجـــــــالا
ما كان كسرى إذ طغى في قومه إلا لما خلقوا به فعــــــــــــــــــالا
هم حكموه فاستبد تحكمــــــــــــا وهم أرادوا أن يصـول فصــــــالا
والجهل داء قد تقادم عهـــــــــده في العالمين ولا يـزال عضـــــالا
لولا الجهالة لم يكونوا كلهــــــم إلا خلائــــــــــــق إخـوة أمثـــــالا
لكن خفض الأكثرين جناحهـــــم رفع الملــــــوك وسود الأبطـــال
وإذا رأيت الموج يسفل بعضـــه ألفيت تاليه طغــــى وتعالــــــــــى
نقص لفطــــــــرة كل حــــي لازم لا يرتجي معه الحكيم كمـــــــــالا
وإذا استوى كسرى وأجلس دونه قواده البســـــــــلاء والأقيــــــــالا
صعدت إليه من الجماعة صيحـة كادت تزلزل قصره زلـــــــــــــزالا
وإذا الوزير بزرجمهــر يسوقـــه جلاده متهاديــــا مختـــــــــــــــــالا
وتروح حولهما الجموع وتغتــدي كالموج وهو مدافع يتتالــــــــــى
سخط المليك عليه إثر نصيحــــة فاقتص منه غواية وضـــــــــلالا
أبزرجمهر حكيم فارس والــورى يطأ السجون ويحمل الأغــــلالا ؟
كسرى أتبقي كل فدم غاشــــــــم حياً، وتردي العــــادل المفضـالا ؟
وتدق في مرأى الرعية عنقــــه ليموت موت المجرميــن مــــــذالا
أين التفرد من مشورة صــــادق والحكم أعدل ما يكون جــــــدالا ؟
إن تستطع فاشرب من الدم خمرة واجعل جماجم عابديك نعــــــــــالا
واذبح ودمر واستبح أعراضهـــم وامــــلأ بلادهــم أسى ونكـــــــالا
فلأنت كسرى ما ترى تحريمــــــه كان الحرام وما تحــــــل حــــلالا
وليذكرن الدهر عدلك باهــــــــــراً ولتحمدن خلائقـــا وفعــــــــــــالا
لو كان في تلك النعاج مقــــــــاوم لك لم تجئ ما جئتـــه استفحـــالا
لكن أرادت ما تريد مطيعــــــــــــة وتناولت منك الأذى إفضـــــــــالا
ناداهم الجلاد هل من شافــــــــــع لبزرجمهــــــــر فقــــــال كل: لا لا
وأدار كسرى في الجماعة طرفــه فرأى فتاة كالصباح جمــــــــــــالا
تسبي محاسنها العيون وتنثنــــــي عنها عيــون الناظرين كـــــــــلالا
بنت الوزير أتت لتشهد قتلــــــــــه وترى السفاه من الرشــاد مـــدالا
تفري الصفوف خفية منظـــــــورة فري السفينـــة للحباب جبــــــــالا
باد محياها فأين قناعهـــــــــــا ؟ وعلام شاءت أن يزول فـــــــــزالا
لا عار عندهم كخلع نسائهـــــــم أستارهن، ولو فعلـــن ثكالـــــــــى
فأشار كسرى أن يرى في أمرها فمضى الرسول إلى الفتاة وقــــالا
مولاي يعجب كيف لم تتقنعـــــــي قالت له: أتعجبـــــــــا وســـــــؤالا
انظر وقد قتل الحكيم فهل تـــــرى إلا رسومــــا حوله وظـــــــــــلالا
فارجع إلى الملك العظيم وقل له: مات النصيح وعشت أنعـــــم بالا
وبقيت وحدك بعده رجلاً، فســــــد و ارع النساء ودبر الأطفـــــــالا
ما كانت الحسناء ترفع سترهــــا لو أن في هذي الجمــوع رجــالا
أكتب تعليقك إذا كان لديك تساؤل حول المووضع أو اقتراحات لمواضيع جديدة